You are currently viewing التكلفة الحقيقية لحوادث الشغل
تكلفة الحوادث المهنية

التكلفة الحقيقية لحوادث الشغل

تُعتبَرٌ حوادث الشغل , او ما يسمى بالحوادث المهنية مَصْدرَ قلق كبير لكل المُشَغِّلين و أربابِ العمل, فهي لا تُعرِّضٌ فقط صحة وسلامة الموظفين للخطر, ولكن تترك ثغرة و فجوة كبيرة في الصحة المالية للشركات خصوصا الناشئة منه. في معظم الحالات لا يُدْرِكُ أصحاب الشركات مقدار التكلفة التي سيخلِّفُها الحادث,  وذلك بسبب العديدِ من التكاليف غير المباشرة والخفية.

لنَقٌمْ بإلقاء نظرة على التكاليف الحقيقية لحوادث الشغل بنوعيها, المباشرة وغير المباشرة , ولفهمٍ أفضل لأهمية تبني نظام فعال للصحة والسلامة المهنية وكذلك تجنب وقوع الحوادث بكل تداعياتها. 

يستعِدُّ العديد  من المُشَغِّلينَ وأربابِ العمل للتَّكاليفِ المباشرةِ للحوادثِ المهنية فقط, والتي عادةََ ما تُغَطِّيها شرِكاتُ التأمينِ, ومع ذلك, فإن هذه التكاليف لا تغطي سوى جزء صغير من التَّكْلُفَةِ الحقيقية والتي لا يأخذها التأمين بعين الاعتبار لكونها لاتكون مدرجة في عقد التأمين كما أنها غير ظاهرة للجميع, وهي تكون أعلى بكثيرِِ من التكاليف المباشرة. 

هذه التكاليف تشبه رأس جبل الجليد الذي يظهر منه 10 في المئة و بينما  90 الباقية تختبئ تحت الماء.

أ – أصناف تكاليف الحوادث المهنية

أ-1 – التكاليف المباشرة

 عادة ما يتم تغطية التكاليف المباشرة للحوادث المهنية وتعويض المصابين في حوادث الشغل من طرف شركات التأمين. هذه التكاليف تشمل فواتير المستشفى للمستخدمين المصابين ,تكاليف الأدوية والعلاج ودفع التعويضات وما إلى ذلك من نفقات أخرى. بعبارة أخرى هي تكاليف متراكمة مباشرة و يمكن حسابها بسهولة.

أ – 2 – التكاليف غير المباشرة 

من جهة أخرى, فان التكاليف غير المباشرة لحوادث الشغل هي نفقات غير ناتجة مباشرة عن حادث الشغل ولذلك فهي غير قابلة للتأمين. عادة ما يتم دفعها من المال الخاص للشركة أو أرباحها الناتجة عن بيع منتجاتها و خدماتها.

نظرا لأن التكاليف غير المباشرة لحوادث الشغل متباينة وغير متوقعة, فإنه من الصعب جدا حساب قيمتها الفعلية مقارنة بالتكاليف المباشرة.

فيما يلي سنتطرق الى بعض الامثلة عن التكاليف غير المباشرة لحوادث الشغل :

  • تكلفة الأجور المدفوعة عن الوقت الذي فقده الموظف المصاب: هذا يشمل وقت العلاج الطبي ووقت التوقف الاضطراري عن العمل من أجل الشفاء والتعافي.
  • تكلفة الأجور المدفوعة للعمال الآخرين غير المصابين: ويشمل ذلك توقفهم عن العمل أثناء وقوع الحادث أو بعد سماعهم بحدوثه مباشرة, وذلك لِفُضٌولِِ منهم ورغبةِِ في استقصاءِ الأخبارِ ومعرفة ماذا وقع, أو من أجل تقديم يد المساعدة للمصابين, تأمين موقع الحادث ,إخطار القائمين على المشروع و تفعيل مسطرة الاستجابة للطوارئ. 
  •  تَكْلُفةٌ الأضرار التي لَحِقَتْ بالمواد أو المعدات: حتى في حالة عدم وجود أضرار بالممتلكات ، يتم تكبد تكاليف إضافية لإعادة تنظيم الموقع بعد وقوع الحادث حتى يمكن استئناف العمل.
  • تكلفة العمل الإضافي الناتج عن وقوع الحادث: قد يشمل الإضاءة والحرارة والإشراف الإضافي الناتج عن  اضطراب سلسلة الإنتاج  والتأخر في التسليم وما يليه من تبعات.
  • تكلفة اختيار الموظفين الجدد الذين يقومون بتعويض الأشخاص المصابين: سواء بصفة دائمة أو بصفة مؤقتة, و ذلك راجع الى نسبة العجز الذي خلفه الحادث لدى كل مصاب و مدة أثره. إدماج عناصر جديدة ضمن فريق العمل سَيَتَطَلَّبٌ مصاريفَ و نفقاتِِ اضافيةِِ من قبيل التدريب ( لابد من تدريب العناصر الجديدة على تقنيات العمل والمساطر الجاري بها العمل و مواكبتها إلى حين عودة الأشخاص المصابين أو اكتسابهم للمهارات الكافية التي تخول لهم الانتاج بنفس المردودية و الدماج في المؤسسة) . 
  • تكاليف إعادة تموضع الموظفين الحاليين للتقليل من آثار الاضطراب الناتج عن غياب الشخص او الاشخاص المصابين خصوصا اذا كانوا من ذوي الكفاءات و الانتاجية العالية, بتكليف شخص بالقيام بمَهَمةِِ لم يتعود على القيام بها, سيؤدي به إلى التَّقْصِيرِ في مَهَمَّتِهِ الأصلية, اضافة لكونه لن يقوم بأداءِ المَهَمَّةِ الجديدة بنفس الكفاءة المعتادة من صاحبها الأصلي و إلى الوقت الذي سيحتاجه للتأقلم مع الوضع الجديد.   
  • تكلفة الموظفين الذين يشغلون مناصب إدارية وكتابية والنفقات المرتبطة بالتحقيق كرواتب المحققين و تنقلاتهم  , معالجة الوثائق والاوراق الاخرى , المقابلات الهاتفية و الاجتماعات وما الى ذلك.
  • التكاليف المرتبطة بايه غرامات يتم فرضها على المٌشَغِّلِ بسبب الإصابات وخرقِِ لأي من المبادئ الأساسية للصحة و السلامة المهنية والقوانين المتعلقة بها و الجاري بها العمل.
  • الأجور المدفوعة للمصابين بعد شفائهم جزئيا و كليا: بعد عودة المستخدمين المصابين الى مناصبهم يلاحظ انخفاض في إنتاجيتهم وذلك راجع لسببين , أولهما هو كون المصابين قد انقطعوا عن العمل لمدة معينة من الزمن , مما قد يفقدهم العزم و الكفاءة المعتادة طيلة الفترة التي يحتاجونها لإعادة التأقلم . و السبب الثاني قد يكون عدم شفاء المصابين كليا سواء بدنيا أو نفسيا , مما قد يشكل لهم صعوبة في العمل بنفس الانتاجية المعهودة قبل الحادث. كما يشكل الوقت الذي يقضونه  في مناقشة الحادث مع زملائهم عاملا مكملا لضعف الانتاجية.
  • الخسائر الناتجة عن انخفاض التنافسية نتيجة انخفاض الإنتاج الناتج عن تبعات الحادث و بسبب التأخير في التسليم لنفس الأسباب السالفة الذكر.
  • التكاليف المرتبطة بانخفاض رقم المعاملات الناتج عن الدعاية السلبية التي تخلفها الحوادث .
  • زيادة تكلفة التأمين نتيجة للعقوبات و التضخيم الذي تفرضه شركات التأمين بسبب ارتفاع مُعامِلات الخطورة الناتج عن تسجيل حوادث شغل متكررة . و قد يصل الأمر الى امتناع شركات التأمين عن تجديد العقود مع المشغل بسبب ارتفاع معدل الحوادث في الشركة.
  • التكاليف المترتبة عن لجوء المصابين إلى المسطرة القانونية لحوادث الشغل و التي تستدعي توكيل محامين للترافع تمان المحكمة و كل النفقات المترتبة عن  ذلك.

ب – اثار حوادث الشغل 

تخلف حوادث الشغل أثارََا سَلبية على كلا الطرفين , سواءُُ المستخدمين أو المُشَغِّلين , ومن بين أهم الآثار نذكر ما يلي:

التكاليف النقدية: هذه هي التكاليف المباشرة وغير المباشرة التي وصفناها بالتفصيل من قبل . وهو الأثر الأكثر وضوحا وشدة .

الإصابات الجسدية أو الأضرار التي تلحق بالمصابين: قد يعاني الموظف (الموظفون) المتورطون بشكل مباشر في الحادث من إصابات جسدية خطيرة ، إما دائمة أو مؤقتة. حتى أنهم قد يصبحون غير قادرين على العمل مرة أخرى بسبب إصاباتهم. يمكن أن تشمل الأضرار الجسدية كسور الذراعين / الساقين ، وفقدان القدرات الحركية ، والصداع المستمر ، وآلام في أجزاء أخرى من الجسم ، وما إلى ذلك.

الآثار النفسية على الموظف (الموظفين) المعنيين: تشمل الآثار النفسية الشائعة على الأشخاص المتورطين بشكل مباشر في الحادث الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة  ،وأشياء أخرى كثيرة. كل ذلك يمكن أن يقلل بشكل كبير من إنتاجيتهم عند عودتهم إلى العمل.

اضطراب العلاقة بين صاحب العمل والموظف: من النتائج الشائعة للحوادث المهنية, أن يكون هناك اضطراب في العلاقة بين صاحب العمل والموظف. على الرغم من أن هذا الاضطراب قد لا يكون حادََّا جِدََّا ، إلا أن مقدار تفاعلهم قد ينخفض إلى ادنى مستوياته ​​، مما قد يؤثر على التواصل بينهم و بالتالي الى ضعف الانتاجية.

في جميع الأحوال, تبقى حوادث الشغل أمرا غير مرغوب في على جميع المستويات , لذلك يجب على المشغلين و أرباب العمل بذل الغالى والنفيس للحيلولة دون وقوعها في مقرات العمل التابعة لهم.
لذلك يتعين عليهم الاستثمار في تطوير نظام فعال للصحة والسلامة المهنية, واختيار الكفاءات المناسبة لِلإحْداثِ هذا النظام و تزويدها بالدعم اللازم للقيام بمهامها على أحسن وجه.

أضف تعليقاً